التنمية الصحية المستدامة ضرورة حتمية لترقية قطاع الصحة في الجزائر

مقدمـــــــــــة

المبحث الأول: النظام الصحي في الجزائر

المطلب الأول:واقع الصحة في الجزائر و بداية تفعيل الإصلاح فيها

المطلب الثاني: أهم العقبات التي أخرت الإصلاحات بقطاع الصحة في الجزائر

المبحث الثاني: السياسة الاستثمارية في الجزائرية وسيلة لتحقيق التنمية

المبحث الأول : آداء النظام الجزائري الصحي حسب تقييم المنظمة العالمية للصحة

المطلب الثاني: سعي الجزائر لتحقيق تنمية صحية متوازنة في ظل سياسة التقشف

خاتمــــــــــــــة

مقدمــــــة :
     قد شكّل الإنسان محور التعريفات المقدمة بشأن التنمية المستدامة (1)، حيث تتضمن تنمية بشرية قائمة على تحسين مستوى الرعاية الصحية والتعليم والرفاه الاجتماعي. وقد أشار تقرير اللجنة العالمية للتنمية والبيئة "برونتلاند" إلى أن "التنمية المستدامة هي التنمية التي تلبي احتياجات الحاضر من دون النيل من قدرة الأجيال القادمة على تلبية إحتياجاتها" كما أن عبارة تنمية مستدامة تعني نمطًا من التنمية لا تفرّط في استثمار مصادر الثروات الطبيعية، التي ترتكز عليها هذه التنمية، أو تخرّبها، أي تنمية تعمل على تجديد الموارد والثروات وإعادة التصنيع بشكل يضمن بيئة نظيفة وصالحة لحياة الأجيال الحاضرة والقادمة.

ووفق تقرير التنمية البشرية الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للتنمية "ينبغي أن يكون الرجال والنساء والأطفال محور الإهتمام، فيتم نسج التنمية حول الناس وليس الناس حول التنمية وذلك للأجيال الحاضرة والقادمة" وتقترح التنمية المستدامة لمواجهة التهديدات التي تواجه المحيط البيئي، عالمًا تزول فيه من مجتمعاتنا ظواهر الفقر، واللامساواة، والأنانيات، ونهب الطبيعة، وانحرافات التقدّم العلمي، كي تتمكن الأجيال الحاضرة والقادمة من الإستفادة من موارد الطبيعة ، وهذا يعني إلقاء المسؤولية على أنماط النمو السائد و تعد التنمية المستدامة الضابط الرئيس للسياسات الاقتصادية التي وصلت إليها العولمة النيوليبراليّة *، في تعاملها مع البيئة والثروات الطبيعيّة على نحو بدأ يهدد شعور الإنسان بالأمان والاستقرار، بعدما كان يعتقد أن الأرض هي مصدر للثروات لا ينضب، وطاقة للتجديد الطبيعي غير المحدود ،و قد اكدت تقارير الخبراء في اللجنة الدولية لتغير المناخ ، بما لا يسمح بالشكّ، أن أنشطة الإنسان هي المسؤولة عما وصلت إليه الأخطار على مستقبل البشرية برمّتها. 

*النيوبيرالية:

هي فكر إيديولوجي مبني على الليبيرالية الاقتصادية التي هي المكون الاقتصادي لليبيرالية الكلاسيكية و التي يمثل تأييد الرأسمالية المطلقة و عدم تدخل الدولة في الاقتصاد.

يشير تعبير "النيوليبرالية" إلى تبني سياسة اقتصادية تقلل من دور الدولة وتزيد من دور القطاع الخاص قدر المستطاع، وتسعى النيوليبرالية لتحويل السيطرة على الاقتصاد من الحكومة إلى القطاع الخاص بدعوى أن ذلك يزيد من الكفاءة ويحسن الحالة الاقتصادية للبلد


و ما هذا البحث إلا محاولة لاستطلاع جوانب التنمية الصحية المستدامة بالجزائر كضرورة حتمية لتطوير قطاع الصحة بالجزائر ، و قبل التطرق لتفاصيل الموضوع وجب وضع تعريفات لبعض المصطلحات المتداولة خصيصا في لب الموضوع مثل عبارة التنمية المستدامة ، فما تعريفها ؟
لقد تناول إعلان جوهانسبرغ بشأن التنمية المستدامة مضمون العملية حيث شدّد هذا الإعلان على إقامة مجتمع عالمي إنساني متضامن لمواجهة مجمل التحدّيات العالمية، مثل القضاء على الفقر، تغيير أنماط الإنتاج والاستهلاك ، وحماية قاعدة الموارد الطبيعية وإدارتها من أجل التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ردم الهوة العميقة التي تقسم البشرية إلى أغنياء وفقراء، ومنع تدهور البيئة العالمية، وتراجع التنوع البيولوجي والتصحر، سد الفجوة المتزايدة بين العالمين المتقدم والنامي، ومعالجة تلوث المياه والهواء والبحار، هذا فضلاً عن التحدّيات الجديدة التي فرضتها العولمة على التنمية المستدامة ولا سيما تكامل الأسواق السريعة، وحركة رؤوس الأموال والزيادات المهمة في تدفقات الاستثمار حول العالم.
و بالتالي فتعريف التنمية المستدامة (2) هي :
تعد التنمية بأنواعها عملية ديناميكية مستمرة تنبع من الكيان وتشمل جميع الاتجاهات، فهي كعملية مطردة تهدف إلى تبديل الأبنية الاجتماعية وتعديل الأدوار والمراكز و تحريك الإمكانات المتعددة الجوانب بعد رصدها وتوجيهها نحو تحقيق هدف التغيير في المعطيات الفكرية والقيمية وبناء دعائم الدولة العصرية وذلك من خلال تكافل القوى البشرية لترجمة الخطط العلمية التنموية إلى مشروعات فاعلة تؤدي مخرجاتها إلى إحداث التغييرات ، فعملية التنمية تهدف إلى محو الأمية وتعميم التعليم والتدريب المهني وتوفير إمكانات التثقيف الجماهيرية لجميع أفراد المجتمع و ضمان حق الأفراد في العمل و المشاركة في البناء ، و ضمان القضاء على البطالة ورفع مستويات العمال في جميع المناطق الريفية و الحضارية ، و النهوض بمستوى الصحة ، و القضاء على الفقر و الجوع
  و رفع مستويات المعيشة و التغذية و توفير الأمن والقضاء على مسببات الجريمة و انحراف الأحداث و تشجيع التوسع السريع في ميدان التصنيع ومحاربة قوى التخلف والدجل و الخزعبلات والتصدي للفتن و القلاقل و تعبئة أفراد المجتمع لخوض معركة
التنمية.
يبدو من هذا التعريف أن مصطلح التنمية أصبح مهما في تطور اقتصاد أي بلد كما أنه يشكل محور لمعظم العلوم و تطبيقاتها ، و قد عرف إعلان " الحق في التنمية" الذي أقرته الأمم المتحدة في عام 1986 عملية التنمية بأنها عملية متكاملة ذات أبعاد اقتصادية و اجتماعية و ثقافية و سياسية تهدف إلى تحقيق التحسين المتواصل لكل ما يهدف إلى رفاهية المواطن من خلال تفعيل حقوق الانسان و حرياته الأساسية .
إذا نستنتج أن التنمية عملية واعية و ليست عشوائية و هي محددة الغايات ذات بعد أفقي بما أنها عملية توجيهية يمتلك واضعوها بإرادة تنموية تعي غاية المجتمعات و تلتزم بتحقيقها من خلال الاستخدام الكفء لموارد المجتمع.
المبحث الأول: النظام الصحي في الجزائر
المطلب الأول: النظام الصحي في الجزائر
    غداة الاستقلال اتخذت الدولة الجزائرية النهج الاشتراكي لنظامها السياسي والاقتصادي كقطيعة مع النظام الليبرالي الإستدماري الفرنسي ، و على أساس ذلك كان من الضرورة استبدال الشكل الصحي الاستعماري الموروث بشكل أخر يختلف عنه في عناصره و أهدافه، في هذه المرحلة بالذات كان على الدولة الجزائرية اتخاذ إجراءات إستعجالية من أجل القضاء على الأمراض و الأوبئة
 المتنقلة التي كانت سائدة في المجتمع الجزائري بشكل رهيب ، هذه الوضعية الصحية المرتبطة بالحالة البيئية و المعيشية التي كانت السبب الرئيسي في الوفيات و الإعاقات خاصة منها وفيات الأطفال.
  ولأجل ذلك عمدت الدولة الجزائرية إلى إنشاء أول وزارة للصحة في عهد حكومة أحمد بن بلة و التي شكلت يوم 28 سبتمبر1962 الوزير محمد الصغير النقاش،ثم وزارة الشؤون الاجتماعية في عهد حكومة احمد بن بلة الثانية و التي شكلت 
 يوم18سبتمبر1963 (الوزير محمد الصغير النقاش)،ثم وزارة الصحة و أحمد بن بلة الثالثة و التي شكلت يوم 02 ديسمبر1964،ثم وزارة الصحة العامة في عهد حكومة الهواري بومدين و التي شكلت يوم10جويلية 1965 (الوزير التيجيني هدام)، لتحقيق هدفين رئيسيين هما:
  •  إعادة توزيع المؤسسات الصحية بما فيها الأطباء والممرضين على جميع جهات الوطن بحيث العلاج بشكل متساوي.
  •  والهدف الأخر هو محاربة الأمراض والأوبئة المتنقلة مثل مرض السل والتيفوئيد و التهاب السحايا ...الخ.
     حيث إعتمدت في هذا الشأن عدة برامج كانت موجهة إلى الفئات المحرومة ، في هذه المرحلة تم تأسيس التلقيح الإجباري للأطفال و بعد ذلك تم تأسيس الطب المجاني أو ما يسمى بالصحة العمومية، وهذا المفهوم هو لب جل السياسات الصحية التي إعتمدتها الجزائر في سبيل تأمين السلامة الصحية لكل الأفراد من جهة، وكتعبير للقرار السياسي الذي يبين النهج السياسي و الاقتصادي الذي تبناه النظام السياسي الجزائري. 
    وبلغة الأرقام غداة الاستقلال (3)، كان في خدمة ل 10 ملايين نسمة قرابة 300 طبيب فقط، مما استوجب تحديد الأولويات والتركيز على سياسة وطنية للصحة، تهدف إلى القضاء على الأمراض الوبائية ومكافحة وفيات الأطفال، وكذا بناء الهياكل وتكوين الإطارات الطبية ، وتمثلت هذه السياسة في المكافحة المكثفة للأمراض الوبائية و العلاج الوقائي، كالتلقيح، نظافة المحيط، حماية الأمومة والطفولة، النظافة المدرسية وطب العمل وهما الهدفان الرئيسيان اللذان شملهما البرنامج المسطر لعام 1962. وقد خصصت الوسائل لتنفيذ هذا البرنامج الطبي المستعجل كتكوين الأطباء، بناء الهياكل والتجهيزات، وتشجيع التمويل الطبي، إلا أنها لم تكن كافية.
وبالرغم من العوائق، فقد حقق هذا البرنامج الكثير من الأهداف، منها التحكم في آفة الأمراض الوبائية من جهة، وظهور معطيات جديدة من جهة أخرى، تمثلت في النمو السكاني و تشبيب الشعب خصوصا هذه المعطيات السكانية كهدف و كاولوية للسياسة الصحية 
في الجزائر .

  و في هذا الإطار رسمت الجزائر إستراتيجية بمحاور كبرى للسياسة الصحية ،من شانها تعديل مواقع الخلل التي عرقلت عملية التنمية ،و المحور الأساسي لهذه الإستراتيجية هو الوقاية خير من العلاج لتجنب المرض و العمل على عدم التعرض له بشكل وقائي حمائي للفرد إلى جانب توفير نظام غذائي متزن و الذي من شأنه أن يساعد على تفعيل برنامج الوقاية.

   هذا و لا يخفى ان النظام الصحي في الجزائر كان متمحورا في المدن الكبرى مثل الجزائر و قسنطينة ووهران ،و يتمثل خاصة في الطب العمومي الذي يتم داخل المستشفيات و عيادات تشرف عليها البلديات و تقدم المساعدات الطبية المجانية ،إلى جانب مراكز الطب المدرسي النفسي التي تشرف عليها وزارة التربية و التعليم .
لقد عرف قطاع الصحة خلال الحقبة الممتدة من الاستقلال إلى غاية منتصف الستينيات وما بعدها، تطورات كبيرة من حيث المستخدمين والهياكل القاعدية، لكن بمستوى تميز بالبطء مقارنة مع التطور السكاني الذي عرفته البلاد، وكذا بجملة من النصوص والقوانين لتوحيد النظام الموروث عن المستعمر.

    فقبل سنة 1965، لم تكن البلاد تتوفر إلا على 1319 طبيبا؛ منهم 285 جزائريا فقط، وهو ما يعادل طبيبا واحدا لكل 8092 نسمة، و264 صيدليا؛ أي صيدلي واحد لكل 52323 نسمة، أما أطباء الأسنان، فكانوا حوالي 151 طبيبا، أي طبيب أسنان واحد لكل 70688 نسمة.
و من حيث الهياكل القاعدية، فقد كان هناك عجز كبير، حيث كان قبل سنة 1967 قرابة 39000 سرير بالمستشفيات، وما ميز هذه المرحلة هو الزيادة النسبية لقاعات العلاج مقارنة بسنة 1962.
وتميزت السياسة الصحية خلال هذه الفترة، بمحدودية في خياراتها جراء ضعف الوسائل المتوفرة لها، وكان ينبغي في أول الأمر إعادة إنعاش البنايات والهياكل التي خلفها الاستعمار، قبل توفير أدنى قسط من الخدمات الصحية للسكان، ومن جانب آخر، كانت الدولة عازمة على تنمية سياسية على شكل إعانة تتمثل في الحملات التلقيحية لبعض الأمراض الفتاكة والمعدية.

 و بداية المخطط الوطني مع بداية نشاط المعهد (4)الوطني للصحة العمومية الذي أنشئ عام 1964، وبصدور الأمر المنظم لمهنة الأطباء والصيادلة عام 1966، أخذت الأمور تتحسن شيئا فشيئا من خلال تحسين دفع عجلة التكوين الطبي والشبه الطبي، وكذا إنشاء بعض الهياكل القاعدية بين سنتي1967 و1969. وما ميّز هذه المرحلة التاريخية من جهة الهياكل القاعدية، هو مضاعفة قاعات العلاج بين سنتي 1969 و 1979 محاولة من المسؤولين منح الأولوية للعلاج الأولي، وذلك عن طريق توفير قاعات العلاج والمراكز الصحية على مستوى كل بلدية أو على مستوى كل حي ، والهدف من هذه الهياكل قبل كل شيء هو الوقاية .

    وبما أن نسبة 37 % من السكان فقط كانت ممونة بالمياه الصالحة للشرب، و23% تتوفر بها قنوات الصرف الصحي، وما تحمله هذه الأرقام من مؤشرات لانتشار الأمراض المتنقلة عن طريق المياه، لم تقف الدولة موقف المتفرج، بل أخذت التدابير من أجل تنفيذ بعض البرامج التي سطرت بهذا الشأن، والتي تعتبر ذات أولوية بالغة مثل التكفل بالطب المجاني للأطفال من طرف الدولة، سواء في إطار مراكز حماية الطفولة والأمومة أو في إطار الطب المدرسي. كما صدر في هذه الأثناء مرسوم رقم 69 -96، المؤرخ في 9 جويلية سنة 1969 والقاضي بإلزامية التلقيح ومجانيته. هذه الأخيرة التي تعتبر خطوة إيجابية ترمي إلى القضاء على الأمراض المعدية. كما تم إقرار التكفل الشامل من طرف الدولة لمكافحة بعض الأوبئة، مثل مرض السل، من خلال إنشاء المراكز الخاصة بمكافحة مرض السل، ليصبح علاجه مجانيا، ونفس الشيء بالنسبة لمرض الشلل وسوء التغذية، فضلا عن عملية توزيع وتنظيم الولادات بمراكز حماية الأمومة والطفولة.
وميز هذه المرحلة التاريخية كذلك، بداية الحملات الوطنية للتلقيح 1969 -1970، التلقيح ضد الشلل، ومكافحة الملاريا بداية من سنة 1965 بالمناطق الوبائية، وذلك مع البرامج المسطرة من طرف منظمة الصحة لاعالمية ، كما ضمنت هذه المقاييس مكافحة مرض 
 الرمد، والإعلان عنه إجباريا، بالإضافة إلى برنامج الحماية من حوادث العمل ووضع لجان النظافة والوقاية.
الفرع الأول : تطور النظام الصحي الجزائري فيما بعد مرحلة 1979 :
      ما ميز هذه المرحلة هو إنشاء هياكل صحية جديدة سنة 1986(5)، وهي المراكز الإستشفائية الجامعية، وفي نهاية الثمانينيات، جاء دستور 23 فيفري 1989 ليحدد تدخل الدولة في مجال الوقاية ومكافحة الأمراض المعدية، كما نصت عليه المادة 51 من الدستور سالف الذكر، والتي تقول أن: «الرعاية الصحية حق للمواطنين، تتكفل الدولة بالوقاية من الأمراض المعدية وبمكافحتها، ويؤكد ذلك قانون المالية لسنة 1993، حيث نص على أنه بداية من هذه السنة، فإن مجال تدخل الدولة سيكون في الوقاية والتكفل بالمعوزين والتكوين، مع البحث في العلوم الطبية، أما باقي العلاجات، فتتم وفق اتفاق بين المؤسسات الاستشفائية وهيئات الضمان الاجتماعي. 

     كما عرفت هذه المرحلة إعادة تنظيم المؤسسات الصحية من حيث التنظيم والتسيير وذلك سنة 1997، من خلال المراسيم التنفيذية الخاصة بالمؤسسات الاستشفائية المتخصصة والقطاعات الصحية والمراكز الاستشفائية الجامعية، وفي سنة 2007، أعيد تنظيم القطاعات الصحية لتصبح المؤسسات العمومية الاستشفائية والمؤسسات العمومية للصحة الجوارية أي فصل الاستشفاء عن العلاج والفحص، وهي نوع من اللامركزية هدفها تسهيل الوصول إلى العلاج وتقريب المستشفى أو المؤسسة الصحية من المواطن. وقد عرفت هذه المرحلة تطور عدد الهياكل القاعدية وكذا عدد المستخدمين.

     أما المؤشرات الصحية الخاصة بسنة 2005، فقد عرفت تحسنا، لكنه غير كاف، و خير على ذلك تقرير المنظمة العالمية للصحة بالشأن دليل حيث اعتبرت المنظمة أنه بالرغم المبالغ المالية العمومية المرصودة للقطاع الصحي في والمقدرة ب 9.1 ٪ من الميزانية العامة، إلا أن الخدمات الصحية لا سيما ما يتعلق بوفيات الأطفال، كانت دون المستوى،
والسبب في ذلك عدم وجود سياسة واستراتيجية ناجعة، وسوء توزيع الأطباء والتفاوت، فيما يخص الرعاية الصحية. ومن أهم المؤشرات، نجد وفيات الأطفال الأقل من 5 سنوات ، فهي 35.8 من الألف، بينما بلغ معدل الحياة 74.8 سنة، في الوقت الذي بلغت
فيه التغطية التلقيحية ضد الشلل 98% ، الدفتيريا، الكزاز والسعال الديكي ب 87%، التلقيح ضد التهاب الكبد الفيروسي 81 %، أما متوسط توزيع الأطباء، فنجد طبيبا واحدا تقريبا لكل ألف مواطن وأقل من سريرين لكل ألفي مواطن... فإذا كانت التغطية الطبية تقارب المتوسط العالمي على المستوى الكلي، فعلى المستوى الجزئي، نجد تفاوتا كبيرا بين الولايات و الجهات ، مما يترجم سوء توزيع الأطباء و عد التحكم في التوازن الجهوي.

الفرع الثاني : تطور النظام الصحي في الجزائر فيما بين 2010-2015
     إن المشاكل الصحية الجديدة المرتكزة حول أمراض ثقيلة وعصرية، إلى جانب المنافسة مع القطاع الخاص، تحتم على مؤسساتنا الصحية التزود بتكنولوجيات معقدة ومختصين، وإلى تحول عميق لطرق تسييرها، وذلك بأن يترك التسيير البيروقراطي المبني على تسيير موازنة تقليدي المكان إلى تنظيم يسمح باستقلالية تسييرها، ويعمل على خفض تكاليفها، وتصحيح مواطن خللها، وتوقيف تدهور نوعية العلاج، وذلك بأن تقدم خدمات صحية كميا أكثر من جراء الضغط الديمغرافي ونوعيا أحسن وأكثر تعقيدا بأحسن تكلفة، مع ضرورة التحكم في التكنولوجيات العلاجية الحديثة مع الأخذ بعين الاعتبار الوضع الاقتصادي الاجتماعي للجزائر.

    إن البحث عن المردودية وعن الأمور المذكورة أعلاه، يتطلب تجديد تام لأدوات التسيير وقنوات الاتصال وتدرج الهياكل الصحية لقطاع الصحة.
    تتمثل هذه الأدوات فيما يلي:
  • تعتبر الموارد البشرية أهم الموارد التي تتمتع بها المؤسسات الصحية لذلك لا بد من تحفيز وتحريك هذه الموارد، وذلك بتحسين أجورهم ومختلف العلاوات إلى مستويات تسمح لهم بالعيش الكريم، والتفرغ كليا إلى المرضى خاصة وأن عدم رضاهم وغضبهم سببه الرئيسي ضعف مستويات أجورهم كما رأينا ذلك سابقا ، و أن ترتبط الأجور بالعمل المقدم ، حجتى يمكن مكافأة المستخدمين الأكفاء بمختلف وظائفهم وبالتالي تشجيعهم على بذل المزيد من المجهودات. كما يجب وضع سياسة للتكوين المستمر لجميع مستخدميها والسهر على تنفيذها وتقييمها، تكون حركية لأن مستقبل هذه المؤسسات مرتبط بها.ذ
  • كما يجب على مسؤولي هذه المؤسسات استخدام التقنيات الحديثة فيما يخص تحديد الاحتياجات من الموارد البشرية أي أن التوظيف يكون مبررا، واستخدام أدوات الاختيار مناسبة لكل صنف من المستخدمين: الاستبيان، المقابلة، الاختبارات من أجل اختيار أحسن المترشحين لشغل أحسن وظيفة. وبالتالي تبتعد عن أسلوب المحاباة والمحسوبية في الاختيار حتى لا توظف أشخاص ليسوا في المستوى وبالتالي تكون نتائج هذا التوظيف وخيمة.
  • كما يجب عليها أن تهتم بالاتصالات الداخلية في هذه المؤسسات، وأن تشجع المبادرات وأن تعمل إدارتها على إشراك جميع المستخدمين في القرارات التي تهم تسيير ومستقبل مؤسساتهم. والعمل على تحسين ظروف العمل، وتوفير المواد المستهلكة، الأدوية الأساسية بصفة دائمة حيث في الكثير من الحالات ينتظر المرضى بسببها الشيء الذي يسمح بالتكفل التام بالمسائل الصحية للمواطنين.
  من أجل تحسين إيرادات هذه المؤسسات لابد من إعطاء لهذه المؤسسات الحرية في تحديد أسعار خدماتها لتعكس مستوى تكاليفها كما هو الحال في القطاع الخاص. كما أنه حان الوقت لوضع مخطط محاسبي وطني استشفائي يتماشى مع المتطلبات الحديثة، يسمح باستخدام أدوات المحاسبة التحليلية من أجل تحديد مستوى تكاليف تشغيلها وخدماتها.
الاهتمام بالصيانة الدورية للمعدات والتجهيزات الطبية التي تتوفر عليها هذه المؤسسات، والعمل على توفير قطع الغيار لها الشيء الذي يسمح بالتكفل الصحيح بالمرضى وتقديم خدمات صحية في المستوى.
المطلب الثاني: أهم العقبات التي أخرت الإصلاحات بقطاع الصحة في الجزائر
      بما أن المنظمات الصحية من مستشفيات ومصحات والمراكز الصحية الخاصة تعتبر واسطة العقد ومركز الدائرة في تقدم الخدمات الصحية و الطبية و بالتالي فهي ملاذ المرضى الذين ينشدون العافية و الأصحاء الذين يطلبون الوقاية، ومع تزايد الضغوط بصورة غير مسبوقة على كل مؤسسات الخدمات الصحية في زمن انتشرت فيه أمراض العصر المزمنة والوبائية والتي ساعدت حركة الناس المتزايدة و انتقالهم السريع من مكان إلى آخر في انتشارها واتساع دائرة نطاقها، فتضاعفت الضغوط المتزايدة أصلا على هذه المؤسسات الصحية و الطبية ، هذا بالإضافة إلى ما شهدته السنوات الأخيرة من زيادة مظطردة و اقبالا متناميا في أعداد المترددين على المستشفيات ، ولقد اتسمت هذه الزيادة بخصائص لم تكن متوفرة في السابق خاصة فيما يتعلق بالمطالبة على الاستجابة السريعة لمتطلبات المواطنين و احتياجاتهم مع الزيادة في تحسين جودة الخدمات الصحية والطبية المقدمة.

     كل ذلك حتم على القائمين على إدارة الخدمات الصحية والطبية إيجاد الوسائل والسبل لمقابلة هذه الطلبات و الاستجابة لها ، الشيء الذي أدى إلى تبين وتطبيق المفاهيم التسويقية في هذه المنظمات الصحية، ودخل التسويق بذلك غمار حقبة جديدة في هذا النوع من الخدمات ، وقد زادت أهميته بسبب العولمة لا سيما بعد التوسع العالمي في الاتجار في الخدمات الصحية، وأصبح بذلك التسويق كأحد أهم المداخل الإدارية الفعالة التي يمكن لها أن تقوي الدور القيادي والتوجيهي للمنظمات الصحية وهذا من خلال الانطلاق من حاجيات المريض والعمل على تقديم خدمة صحية وطبية ذات جودة متميزة من البداية عن طريق الاستغلال الكفء و الأمثل للموارد المتاحة لدى المنظمات الصحية.

الفرع الأول: نقص الموارد البشرية احدى العراقيل
     تقرير مركز تحليل الاستراتيجيات، كشف أن عدد الأطباء الأجانب بفرنسا ارتفع بنسبة 20 بالمائة بين سنتي 2007 و2010 ليصل حاليا إلى 19 ألف طبيب أجنبي، يمثل الجزائريون 22 بالمائة منهم، وهو ما يقارب 5 آلاف طبيب، ثم يليهم الرومانيون بنسبة 16 بالمائة ثم البلجيكيون بـ11 بالمائة. وعرف نزيف الأطباء الجزائريين نحو فرنسا تصاعدا مستمرا في السنوات الأخيرة، فبعد أن كانت أبواب فرنسا موصدة في وجههم لسنوات عديدة بسبب عدم اعتراف الفرنسيين بشهادة الطب الجزائرية، غير أن التحول الديموغرافي، وتشكل ما يسمى في فرنسا ''صحاري صحية'' بمعنى وجود مناطق كبيرة من فرنسا بدون اطباء ، دفع بالمسؤولين الفرنسيين لاعادة النظر في موقفهم ، ليس من خلال  الاعتراف بالشهادة الجزائرية، بل عبر طرق ملتوية من أجل استقطاب الأطباء الجزائريين. وتتمثل هذه الطرق الملتوية في دورات تكوينية تنتهي بمنح شهادة تسمى ''شهادة التكوين الطبي المعمق''، التي تدوم سنة ليعود بعدها الطبيب الجزائري إلى أرض الوطن، غير أن الدورة تنتهي بتحرير رئيس المصلحة التي تكوّن فيها الطبيب تقريرا يطلب فيه من إدارة المستشفى الإبقاء على الطبيب، ليقترح عليه منصب عمل مقابل أجر لا يتعدى 1400 أورو وهو أجر بعيد عن الذي يتقاضاه الطبيب الفرنسي مما يدل على عبقرية العقل الجزائري في الطب و لا بد من استغلالها الاستغلال الجيد في الجزائر لتكون الخدمة للوطن أولى ،فليس تعداد العقل البشري بكل نباغة يكون من الأمر السهل اعداده ، و هذا النزوح الى الخارج له تأثيره في العنصر البشري في المستشفيات الجزائرية كما له التأثير السلبي على عملية التمنية.

    هذا و قد أكد رئيس عمادة الأطباء الجزائريين ، الدكتور محمد بقاط بركاني أن التحفيزات (6) التي وضعتها الدولة لتغطية العجز المسجل في مجال الأطباء الأخصائيين بمناطق الجنوب والهضاب العليا غير كافية.

    وقال في نفس الإطار أن سكان الجنوب بحاجة إلى مختصين في طب الأطفال والنساء والتوليد والى جراحين مختصين في الإنعاش والتخدير وطب الأورام، داعيا إلى التعاقد مع هؤلاء الأخصائيين لمدة معينة "غير تلك التي يعمل بها هؤلاء في الوقت الحالي".
ودعا الدكتور بقاط بركاني السلطات العمومية إلى وضع "تحفيزات إستثنائية" لفائدة قطاع الصحة بمناطق الجنوب بغية تحقيق العدالة في العلاج وضمان تغطية صحية شاملة.

     وبخصوص الهياكل الصحية، شدد رئيس عمادة الأطباء على ضرورة احترام مقاييس البناء والمحيط الخاصة بهذه المناطق.
ولتغطية العجز المسجل في مجال الأخصائيين بولايات الجنوب ، قامت وزارة الصحة بإرسال 350 طبيب مختص في إطار الخدمة المدنية خلال سنة 2014 مع ضمان سكن وظيفي.

    وإلى جانب تعزيز هذه المناطق بعدة اختصاصات سنويا بعد تخرج كل دفعة ، فقد قامت الدولة بوضع التسهيلات اللازمة لتمكين هؤلاء الأخصائيين من العمل في ظروف ملائمة.
    و بالإضافة إلى 4337 ممارس مستقر، فقد تم تدعيم قطاع الصحة بولايات الجنوب ب 897 ممارس مختص دائم و 520 طبيب عام و337 طبيب أسنان و847 صيدلي و338 ممارس مختص بالإضافة إلى 370 ممارس مفتش بالقطاع العمومي يسهرون على ترقية الخدمة بالقطاعين العام والخاص.
    وتعني الاختصاصات المذكورة 10 ولايات هي أدرار والأغواط وبسكرة وبشار وتمنراست وورقلة وإليزي وتندوف وغرداية والوادي. 

     هذا يعد عامل تحفيزي لتشجيع العنصر البشري على العمل و بذل الجهد من أجل تحقيق تنمية شاملة و توازن عبر الخريطة الجزائرية حيث لا يسجل نقص في جهة على حساب جهة أخرى و حتى لا تشعر مناطق الجنوب بالتهميش و الذي يؤثر سلبا على عملية الاصلاح في قطاع الصحة.

الفرع الثاني : عدم مواكبة تطور التقنية العلاجية سبب في ظهور مشاكل صحية جديدة
     إن المشاكل الصحية الجديدة المرتكزة حول أمراض ثقيلة وعصرية إلى جانب المنافسة مع القطاع الخاص، تحتم على مؤسساتنا الصحية التزود بتكنولوجيات معقدة ومختصين، وإلى تحول عميق لطرق تسييرها، وذلك بأن يترك التسيير البيروقراطي المبني على تسيير موازنة تقليدية المكان الى تنظيم يسمح باستقلالية تسييرها ، و يعمل على خفض تكاليفها و تصحيح مواطن خللها و توقيف 
 تدهور نوعية العلاج، وذلك بأن تقدم خدمات صحية كميا أكثر من جراء الضغط الديمغرافي ونوعيا أحسن وأكثر تعقيدا بأحسن تكلفة، مع ضرورة التحكم في التكنولوجيات العلاجية الحديثة مع أخذ بعين الاعتبار الوضع الاقتصادي الاجتماعي للجزائر.
      إن البحث عن المردودية وعن الأمور المذكورة أعلاه، يتطلب تجديد تام لأدوات التسيير وقنوات الاتصال وتدرج الهياكل الصحية لقطاع الصحة.
تتمثل هذه الأدوات فيما يلي:
  • من أجل توقيف تدهور نوعية العلاج، والتحكم أكثر في تكاليف التشغيل لا بد أن يترك التسيير البيروقراطي لمؤسساتنا الصحية الذي تناولناه سابقا، المكان إلى تنظيم يسمح باستقلالية المؤسسات الصحية، وذلك بالعمل على ترقية الطرق الحديثة للتسيير المبنية على التسيير التقديري بالأهداف مع مراقبة دورية للنتائج.
  • من أجل تحقيق ذلك يجب تحسين عمل الهياكل الصحية، وتنظيم فعال لمختلف المصالح الصحية التي تتكون منها مؤسساتنا الصحية، مع تحديد واضح لدور كل من مسيري هذه المؤسسات، الأطباء، الممرضين والعمال الآخرين. مع إحساس جميع المستخدمين خاصة الأطباء، الممرضون للمشاكل الخاصة بتسيير النشاطات الصحية وفهم التسيير العصري للمؤسسات الصحية مع العمل المشترك لجميع هذه الأصناف على إخراج مؤسساتهم من الأزمة التي تعاني منها والتي ذكرنا مظاهرها سابقا.
  • هذا الى جانب ضرورة مواكبة التقنية الحديثة المتطورة و الاطلاع على الجديد في عمليات التشخيص و انتاج الأدوية بما يضع حدا لانتشار الأمراض المعدية و الفيروسات الحديثة.
  • الظهور بحسب النمو الديمغرافي و التقلبات البيئية التي لها الأثر الكبير في ضرورة أن يكون قطاع الصحة في عملية تأهب دائما ترقبا لأي طارئ خاصة و أظن الصحة مجالها حساس و مهم جدا فلا بد من مواكبة التطورات الحاصلة سواء في مجال انتشار الأمراض أو في مجال الاكتشافات الحديثة للتطورات العلاجية .
المبحث الثاني: السياسة الاستثمارية في الجزائرية وسيلة لتحقيق التنمية
      حسب تقرير منظمة الصحة العالمية تحتل فرنسا المرتبة الأولى في مجال النظام الصحي ، أما عمان فتأتي على رأس القائمة في مجال المستوى الصحي في حين ان معظم الدول الافريقية تحتل المراتب الأخيرة حسب تقييم المنظمة ، وبالنظر إلى الدول حسب المنظمة نجد أنه لا يوجد هناك ارتباط بين المستوى الصحي ، مستوى النظام الصحي و الانفاق الصحي ،فالولايات المتحدة تحتل المرتبة الأولى في مجال الانفاق الصحي على الفرد نجد المرتبتين 72،37 في مجال المستوى الصحي و مستوى النظام الصحي على التوالي.
     أما الجزائر فتحتل المرتبة 45 في مجال المستوى الصحي والمرتبة 81 في مجال النظام الصحي. وهذا ما يدل على أن المستوى االصحي للسكان غير مرتبط بالنظام الصحي بقدر ما هو مرتبط بمتغيرات اجتماعية و ثقافية و اقتصادية أخرى ، حيث يلاحظ أن
أن هناك عدم تكافؤ بين ترتيب الجزائر في المجال الصحي و في مجال النظام الصحي.فقد احتلت الجزائر المرتبة 84 في مجال معدل الأمل في الحياة من بين 192 دولة عضوة في المنظمة الصحية العالمية و بالنظر لمستوى توزيع الخدمات الصحية الذي يوجد في مستويات متدنية حيث تحتل الجزائر المرتبة 110 ،كذلك بالنسبة لمعيار الاستجابة لحاجات السكان نجدها تحتل المرتبة 91
من مجموع الدول العضوة .
      أما بالنسبة لعدالة تمويل النظام الصحي نجد أن الجزائر تحتل الرتبة 75. وهذا ما يؤكده السيد عبد اللطيف بن أشنهو في مقال له ان المؤسسات الصحية العمومية لا زالت بعيدة عن مستويات الآداء ، خاصة فيما يتعلق " بالظروف غير الجيدة لاستقبال و اقامة 
 المرضى".
    يبقى هذا الكلام ينطبق على حقبة من الزمن ربما توافق تاريخ كتابة هذه البيانات للباحثين من جامعة سطيف ، لكن الأمر في الوضع الراهن مختلف تماما عما كان عليه في السابق.
المطلب الأول: آداء النظام الجزائري الصحي حسب تقييم المنظمة العالمية للصحة
       تسعى المنظمات الحديثة الى تحقيق جودة خدماتها و عملياتها و تضعها كهدف أساسي في ظل عامل سريع التغير يسوده التنافس الشديد في تقديم الخدمات و السلع بصورة افضل ، و في ظل المنافسة العالمية الشديدة للمنظمات على اختلاف انواعها لكسب حصة أكبر من الأسواق ، أصبح الزبون (المستفيد) هو سيد الموقف و الذي سعى الجميع لإرضائه و تحقيق متطلباته طمعا في زيادة الحصة السوقية لهذه المنظمات ضمانا لبقائها و استمراريتها (07).
هذا و قد أكد ممثل منظمة الصحة العالمية(08)، باح كايتا ، أن الجزائر تعد أحد البلدان «القليلة» التي هي في طريق تحقيق جميع أهداف الألفية من أجل التنمية.

     وخلال افتتاح يوم إعلامي حول إستراتيجية منظمة الصحة العالمية للتعاون مع البلد 2016-2020، اعتبر كايتا أن الجزائر من «البلدان القليلة التي هي في طريق تحقيق جميع أهداف الألفية من أجل التنمية لا سيما فيما يخص الصحة»، مشيرا إلى أن الأمر يتعلق بتقدم يستحق الإشارة إليه.
وبخصوص الاستراتيجية الخماسية التي تربط منظمة الصحة العالمية و الجزائر، وصف ممثل الوكالة الأممية الوثيقة «بالهامة» لأنها كما قال تعكس «الأولويات الوطنية التي حددتها الحكومة الجزائرية في مجال الصحة» من جهة، ومن جهة أخرى هي مستلهمة من التوجيهات الإستراتيجية لمنظمة الصحة العالمية على المستوى القاري و بشكل أوسع على المستوى العالمي، مشيرا إلى التزام الجزائر بجعل الصحة أولوية وطنية.
    كما أوضح كايتا من جهة أخرى، أن استراتيجية التعاون مع منظمة الصحة العالمية هي ثمرة مسار انطلق منذ أزيد من سنة من خلال مشاورات مع الدائرتين الوزاريتين للصحة و الشؤون الخارجية مع إشراك وكالات أممية أخرى و شركاء آخرين لقطاعات التربية الوطنية و التعليم العالي و المجتمع المدني و غيرها.
    و أكد من جهته ممثل وزارة الشؤون الخارجية لزهر سوالم، أن الأمر يتعلق بمخطط يظهر أيضا توثيق التعاون بين منظمة الصحة العالمية و الجزائر الذي بدأ منذ سنة 1962 و الذي بلغ مستوى معتبرا مع مراعاة المخططات الوطنية التي أعدتها الحكومة الجزائرية.
وفي تطرقه إلى مضمون استراتيجية منظمة الصحة العالمية-الجزائر المستوحاة من مختلف البرامج الأخرى للبلدان أكد أن هذه الأخيرة تتكفل بفئات خاصة في مجال الصحة مؤكدا أن الجزائر لن تدخر أي جهد لتقديم المساهمة الضرورية لترقية الصحة و ضمان نجاحها العالمي.
الفرع الأول : رهانات الصحة في الجزائر
إن النظام الصحي الجيد قبل كل شيء هو ذلك النظام الذي يساهم في تحسين مستوى الصحة (09) للسكان. فحسب منظمة الصحة العالمية فإنه لا يكتف فقط بالحفاظ أو تحسين متوسط المستوى الصحي لمجتمع معين في الوقت الذي يوجد فيه ارتفاع في نسبة الفوارق بين السكان في مجال الحصول على الخدمات الصحية، و أن التطور في متوسط المستوى الصحي يستفيد منه ميسوري الحال و الذين هم في صحة جيدة ، فهدف تحسين الصحة ينقسم الى عاملين :
  • العامل متعلق بالجودة والتي تمثل أحسن مستوى صحي.
  • العامل متعلق بالعدالة في توزيع الصحة و التي تمثل أقصى درجة في  تقليص الفوارق بين الأفراد والجماعات في مجال احصول على الخدمات الصحية.
     و نشير إلى أن الاتفاقيات الدولية (10) سواء في المجال الصحي أو غيره و التي انضمت اليها الجزائر تصبح جزءا من القانون الجزائري الداخلي و تسمو عليه بموجب المادة 132 من دستور 1996 ، و من الاتفاقيات الدولية في مجال الصحة التي انضمت اليها الجزائر نجد اتفاقية منظمة الصحة العالمية : تعمل منظمة الصحة العالمية على ترقية الصحة البشرية في جميع الدول من خلال اعلام الحكومات بمختلف الأمراض و طرق علاجها ، كما تقوم بتزويد الدول الفقيرة بالأدوية و اللقاحات و الأطقم الطبية ، و أصبحت منظمة الصحة العالمية تعمل كآلية للإنذار المبكر على المستوى العالمي عند ظهور أمراض وبائية جديدة ،و تطلق على اثر ذلك تحذيرات و تقارير خاصة حول انتشار الوباء و طرق الوقاية و العلاج منه.

  تعاهد الألفية : و هي ثمانية أهداف ، تعاهد قادة الدول سنة 2000 بتحقيقها بحلول آفاق سنة 2015.
 و من هذه الأهداف الثمانية نجد ثلاثة منها متعلقة بالصحة ، حيث جاء الهدف الرابع بعنوان تخفيض نسبة وفيات الأطفال و الهدف الخامس بعنوان: تحسين الصحة الأمومية اما الهدف السادس فهو بعنوان مكافحة الأمراض الرئيسية.
الفرع الثاني :أهم مكتسبات الجزائر الصحية
  يمثل التخطيط الاستراتيجي (11) جوهر الإدارة الإستراتيجية، باعتباره العملية الأكثر أهميـة بـين عمليـات الإدارة الاستراتيجية و يشير التخطيط الاستراتيجي الى عملية صياغة رسالة  المؤسسة في ضوء رؤيتها الجوهرية وبناء غاياتها و أهدافها المستقبلية ، و يستند التخطيط الاستراتيجي على عمليات التحليل الاستراتيجي للبيئتين الداخلية والخارجية، حيث يساعد هذا التخطيط على اختيار الإستراتيجية المناسبة استناد على ما وفره التحليل الاستراتيجي من معطيات حول نقاط القوة و الضعف و الفرص و التهديدات التي تحيط بالمؤسسة .
      ويعرف التخطيط الاستراتيجي على أنه"الطريقة الملائمة والمناسبة لتحديد الأهـداف بعيـدة المـدى، وتوجيـه المؤسسة لتحقيق هذه الأهداف " كما يعرف بأنه وسيلة للتنبؤ بالمستقبل و استثمار ما هو متوفر ، و يتطلب الدعم الكامل من الادارة و المشاركة الفعالة 
 مكن جميع العاملين في كافة المستويات التنظيمية في المؤسسة" و يعرف أيضا بأنه جزء مهم من الادارة و عنصر حيوي من عناصرها لأنه يعبر عن ادراك المستقبل و تهيئة مستلزمات التعامل معه، فهو يجسد الآفاق الفكرية و الفلسفية للإدارة و يواكب مراحل تطورها.

الفرع الثاني : واقع التخطيط الاستراتيجي في المستشفيات العمومية الجزائرية (12)
     لقد اهتمت المؤسسات بمختلف أنواعها وأنشطتها بعملية التخطيط ألاستراتيجي كونه يجعل المؤسسة على دراية و معرفة بما يمكن ان تؤول إليه أوضاعها مستقبلا ، و قد ازداد هذا الاهتمام بشكل كبير في الآونة الأخيرة خاصة مع التغيرات الكبيرة التي شهدها العالم في غضون فترة زمنية محددة، فقد تطور التخطيط الاستراتيجي باعتبـاره أسـلوب عمليا لإدارة موارد المؤسسة وتحقيق أهدافها. و لكن، برغم هذا التطور الذي شهده موضوع التخطيط الاستراتيجي (13)، باعتباره مدخلاً رشيدا للتصرف بالموارد وفق اسلوب عملي و منهجي منظم ، إلا انه أصبح أكثر تعقيدا بسبب التطورات الكبيرة التي شهدها و يشهدها العالم الحديث ، و قد تعددت طرق 
وأساليب التخطيط الاستراتيجي، وبدأ يعاني من العديد من الإشكاليات والمعيقـات .
     وفيما يخص عملية التخطيط الاستراتيجي في المستشفيات العمومية الجزائرية، فإنه يمكـن توضـيح واقـع التخطـيط الاستراتيجي بها من حيث المعيقات و التي تعتبر من معيقات تطور الفكر الاستراتيجي بسكل عام ، و بذات الوقت تحدث اشكاليات في خطط التنمية 
والتطور التي تشهدها الجزائر، وتتمثل أهم المعيقات التي تواجـه المستشـفيات العموميـة الجزائرية بمايلي:
  • صعوبة الوضع المالي للعديد من المستشفيات العمومية الجزائرية، والتي تعتمد في وضعها لخططها على الإمكانات المحدودة المتاحة ، و هذه لا تؤهلها للقيام بعمليات تخطيط استراتيجي.
  • المركزية العالية في أنظمة الحكم عموما ، و هذا الأمر يحول في اغلب الأحيان دون الإفصاح عن التغييرات الهيكلية المطلوبة لتخوف السلطة السياسية من ان يكون في هذه مساس بمصالح الدولة.
  • عدم اهتمام الإدارة العليا في المستشفيات العمومية الجزائرية بالمشكلات والقضايا الإستراتيجية، نتيجـةً لاهتمامهـا بالمشكلات الروتينية اليومية و انشغالها فيها ، الأمر الذي جعل المستويات الادارية العليا بمعزل عن الاهتمام بقضايا مصيرية للمستشفيات مثل قضايا النمو في الأجل الطويل، والتغيرات الخاصة بالجوانب التكنولوجيـة، وغيرهـا، فالمشكلات الروتينية تأخذ معظم وقت المديرين ولا يجدون متسع فـي مثـل هـذه القضـايا الاستراتيجية و التخطيط لها.
  • الاعتقاد بأن عملية التخطيط الاستراتيجي هي مسؤولية هيئة متخصصة في التخطيط وليس مسؤولية الإدارة علـى كافة المستويات ، الأمر الذي يجعل عملية التخطيط الاستراتيجي خارج نطاق الاهتمام المباشر للكثير من العاملين في المستشفيات العمومية الجزائرية. 
  •  تركز أنظمة الحوافز في الكثير من المستشفيات العمومية الجزائرية على النتائج قصيرة الأجل، وقلما يكون هنـاك أنظمة حوافز ترتبط بالأهداف الاستراتيجية المحددة في الأجل الطويل ، و هذا الأمر يجعل الكثيرون يعزفون عن التخطيط الاستراتيجي.
  •  التفرد في اتخاذ القرارات ذات الصلة بعملية التخطيط الاستراتيجي، وعدم السماح للأفراد العاملين بالمشاركة فـي اتخاذ تلك القرارات ، الأمر الذي ينعكس سلبا على دوافع و سلوك الافراد و البيئة الثقافية للمستشفيات العمومية الجزائرية بصفة عامة .
  •  سيطرة نمط التنظيم البيروقراطي والقيادة البيروقراطية بين أجزاء التنظـيم ، وعـدم تشـجيع التفكيـر الابتكـاري و الإبداعي للأفراد ، إضافة إلى عدم توافر نظام جيد للمعلومات لمساعدة المديرين بالحصول على المعلومات اللازمة عن البيئة المحيطة .
  •  قصور المستشفيات العمومية الجزائرية، وعدم قدرتها على تنفيذ الخطط الإستراتيجية التي تم وضعها، فالكثير مـن المستشفيات الجزائرية تعتمد الى وضع خطط استراتيجية بعد أن تكون قد عملت على تحليل البيئتين الداخلية و الخارجية ،و تكون تلك الخطط مصاغة بشكل جيد ، غير أن الكثير من تلك المستشفيات تكون قد وضعت تلك الخطط كمتطلبات شكلية اما الجهات المختلفة المرتبطة بها و ليس بقصد تنفيذها.
المطلب الثاني :سعي الجزائر لتحقيق تنمية صحية متوازنة في ظل سياسة التقشف
    أكدت رئيسة الأوبك الجديدة ، ديزاني اليسون، أن الحكومة الجزائرية اتخذت تدابير مالية حازمة لتخفيف انعكاسات تراجع سعر النفط، حيث أصبح اقتصادها ”تحت ضغط” بسبب تراجع سعر برميل البترول إلى 69 دولارا خلال الأيام الأخيرة، في وقت تنبأت منظمات دولية بانخفاض الأسعار إلى حدود 50 دولارا خلال الأيام القليلة القادمة قالت رئيسة منظمة الدول المصدرة للنفط ”أوبك”، وزيرة النفط النيجيرية، ديزاني اليسون مادويكي، في تصريحات صحافية في ”أبوجا”، إن أوبك تمر بفترة ”صعبة”، بسبب تراجع سعر برميل النفط الذي يؤثر على العديد من الدول الأعضاء في المنظمة وغير الأعضاء(14).
     هذا و قد كشف مدير الصحة لولاية الجزائر(15)، محمد ميراوي، أن سياسة التقشف التي أقرتها الحكومة لن تمس قطاع الصحة بالعاصمة، بدليل استكمال جميع المشاريع التي تم الانطلاق فيها وينتظر استلامها في القريب العاجل.
     وأضاف ذات المتحدث، أن نسبة الأشغال فاقت 80 بالمئة بمستشفيات أخرى خاصة بالتوليد على غرار المستشفى الموجود في طور الإنجاز في زرالدة بطاقة استيعاب 120 سرير، إلى جانب عيادة أخرى ببابا حسن، والتي بلغت نسبة الأشغال بها 50 بالمئة وستتوفر على جميع التجهيزات اللازمة والعصرية.
    وأكد المتحدث أن دخول العيادة المتخصصة في جراحة قلب الأطفال سيكون في القريب العاجل وهي ثالث عيادة من نوعها على المستوى الوطني باحتساب عيادة بوسماعيل التابعة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، والثانية بعد عيادة تيزي وزو، وهو المشروع الذي سيخفف من وطأة معاناة الأطفال وأهاليهم بين التنقل إلى العيادات الموجودة بالولايات الأخرى، كما سيسمح بتخفيف الضغط على العيادات المتوفرة.
    وبخصوص تأثير سياسة التقشف على مشاريع القطاع الصحي، أكد ذات المسؤول أن قطاع الصحة لم يتأثر بسياسة ترشيد النفقات بدليل إخضاع العديد من الهياكل الصحية للترميم وإعادة التهيئة والعصرنة.
وأكد، ميراوي، أن مشكل نقص المورد البشري ببعض التخصصات خاصة منها شبه الطبي سيحل قريبا بفضل السياسة التكوينية التي انتهجتها الوزارة من أجل تغطية العجز الحاصل نتيجة ارتفاع عدد الهياكل، مؤكدا أن المناصب المالية المفتوحة ستسمح بتوظيف أغلب الشباب المتكونين في المجال شبه الطبي.

الفرع الأول:السياسة المتبعة للحفاظ على التنمية الصحية
    التقشف (16) برنامج حكومي ذو طابع اقتصاديي يستهدف الحد من الإسراف في زيادة الإنفاق على السلع الاستهلاكية، وتشجيع الادخار والعمل على مضاعفة ألإنتاج علاجاً لأزمة اقتصادية، تمر بها البلاد.
    وغالباً ما تؤشر الحكومات إلى هذا المنحى، من خلال موازنتها العامة التي توصف بالتقشفية حين يتمّ اللجوء إلى خفض الإنفاق بهدف السيطرة على العجز في الموازنة، كذلك، يستخدم التقشف في عمليات السيطرة على نمو الدين العام ورفع مستويات النمو الاقتصادي. وهذا ما يحصل عادة على أكثر من مستوى التخفيف من الخدمات الاجتماعية و الصحية العامة التي تقدمها السلطات
 الرسمية وتكبدها مبالغ كبيرة.
  •  التخفيف من نفقات الوزارات لا سيما تلك التي توصف بالكماليات التي يمكن الاستغناء عنها.
  •  إقفال باب التوظيف في القطاع العام أو تقليصه إلى حدوده الدنيا، تخفيفاً من الأعباء المالية التي تتكبدها الخزينة العامة. وفي مثل هذه الحالات تتجنب الحكومة المعنية تصحيح الأجور في القطاع العام كي لا تزيد من نفقاتها على هذا البند.
  •  التخفيف من مشاريع البنى التحتية غير الضرورية وغير الملحة في البلاد .
     وفي معظم الأحيان، تترافق هذه الإجراءات مع العمل على زيادة الإيرادات، من خلال فرض ضرائب جديدة تهدف إلى تعزيز الخزينة العامة، إضافة إلى ما تصفه الحكومات بـ "توسيع دائرة الاستثمارات" (17) التي تساعد على زيادة الإنتاجية وتحسين المداخيل . 
      هكذا، يسلك بعض الحكومات مسار التقشف في حال أصابتها بأزمة اقتصادية وانخفضت إيراداتها بشكل كبير، وذلك لفترة وجيزة من الزمن كي تستعيد عافيتها الاقتصادية. وبطبيعة الحال، يمكن الملاحظة بشكل بديهي إنّ التقشف هو الإجراء الحكومي غير المستحب من قبل الشعوب. إذ غالباً ما يدفع الفقراء ثمن التقشف أكثر من غيرهم، وتتأثر حياتهم بشكل مباشر. خصوصاً أن الدول التي تلجأ إلى التقشف تكون عادة مأزومة اقتصادياً. ما يعني أن دفع المجتمعات للتضحية بحقوق معينة، لا يقابله أي منفعة آنية.
التقشف باختصار، يشبه شدّ الحزام.
    و باعتبار قطاع الصحة حساس ينظر الى سياسة التقشف بنوع من المساعدة و التسهيل لهذا القطاع ان يسير على النسق الذي تعود عليه حتى لا يتضرر في عملية التنمية المستدامة و التي هي ضرورة ملحة يتطلبها الواقع و كذا ما تفرضه العولمة من ضرورة مسايرة التطورات الحاصلة في هذا المجال.
الفرع الثاني : الصحة بين طموحات السياسات الحكومية و بين صراع العولمة في التنمية

السنة

2001

2002

2003

2004

2005

2006

واردات الأدوية

461.62

583.81

693.03

913.91

1002.41

1119.38

2007

2008

2009

2010

2011

2012

1335,42 

1695,20 

1575,32 

1498,29 

1730,31 

1499,61

 وحدة: مليون دولار / المصدر: الوكالة الوطنية لترقية التجارة الخارجية
     يتوقع المخطط التوجهي (18) للصحة للفترة 2009-2025 إستثمارات تقدر ب 20 مليار أورو لبناء مرافق صحية جديدة وكذا تحديث المستشفيات الموجودة. في هذا الصدد تم الشروع في الإصلاحات المتعلقة على تفريد وظيفة صيانة البنى التحتية و معدات المستشفيات وتدريب الهيئات الصحية.
       في إطار برنامج الإستثمارات العمومية للفترة الممتدة مابين 2010- 2014، إستفاد قطاع الصحة من غلاف مالي قدر ب 619 مليار دينار جزائري. 
     تعتزم الخطوط العريضة لهذا لبرنامج إنجاز 172 مستشفى، 45 مجمع صحي متخصص، 377 مستوصف، 1.000 قاعة علاج، 17 مدرسة للتدريب شبه الطبي وأكثر من 70 مؤسسات متخصصة للأشخاص ذوي الإعاقة. 
        فيما يخص القطاع العام، فإن هذا الأخير يعرف نمو هائل في المكانة التي احتلها في النظام الصحي. هذا و قد دعا مختصّون طبّيون إلى ضرورة تطوير النّظام المعلوماتي في القطاع الصحّي
      من خلال رقمنة تسيير كلّ المؤسسات الاستشفائية الوطنية والملفات الطبّية للمرضى قصد تطوير ودعم القطاع الصحّي، وكانت مبادرة تعميم النّظام المعلوماتي على قطاع الصحّة الشرط المسبق لمشروع شراكة بين وزارة الصحّة والاتحاد الأوروبي المطبق في 2009· وقد اختير المستشفى الجامعي لوهران كمؤسسة نموذجية للشروع في العملية، ومن المنتظر أن تنتهي نتائج هذه التجربة خلال نهاية السنة الجارية، حيث ستعرض على وزارة الصحّة لتعميم هذا النّظام على مؤسسات استشفائية أخرى في مختلف مناطق التراب الوطني، وسيتمّ في هذا الإطار توحيد المعطيات على جميع الأصعدة كالمعلومات الخاصّة بالمرضى وعدد المرضى المعالجين حسب الفترات والأمراض التي تمّ إحصاؤها والموارد البشرية في المؤسسات والتراث الطبّي، كما سيتمّ جمع المعلومات الخاصّة بالمرضى على شكل قواعد معلومات ضمن ملف طبّي إلكتروني، أمّا فيما يتعلّق بالمعلومات الخاصّة بالموارد البشرية فستدرج في قاعدة معلومات أخرى، حيث سيكون هناك جمع منظّم لكلّ هذه المعلومات عبر مختلف الهياكل الاستشفائية للبلاد وسيتمّ وضعها في نظام معلومات فريد وإرسالها إلى المعهد الوطني للصحة العمومية ووزارة الصحة ، و هو ما يسمح بوضع جهاز إنذار صحّي على مستوى الوصاية ومخطّط تسيير مكلّف بالكشف عن النقائص المسجّلة في قطاع الصحّة واقتراح حلول لها، وهو ما من شأنه أن يطوّر قطاع الصحّة عامّة ليكون في مستوى التطلّعات، لا سيّما وأن السلطة ترصد لهذا القطاع غلافا ماليا يجعله من أفضل النظم الصحّية في العالم.
خاتمة :
    ان أساس تقدم أي دولة مرهون بقطاعين حساسين هما التعليم و الصحة ، و الدول ترصد لهذين القطاعين اغلفة مالية بحسب ما وضعته من خطط حكومية لتحسين الآداء ، و قطاع الصحة على الخصوص دائما يتطلع نحو الأفضل لسد النقائص و الغاء بعض الظواهر البيروقراطية للحد من معاناة المرضى و كل هذا يهدف الى تحقيق نتيجة التنمية الصحة انطلاقا من التسارع بوتيرة الانجاز للهياكل الصحية و دفع عجلة التكوين نحو التطور و مواكبة البرامج الصحية الجديدة التي يتطلع لها العالم بعين فاحصة لدخول رواق التنافس فيما بين الدول وفق برامجها الحكومية التي تعتمد في نهاية كل موسم مالي القيام بعملية جرد مالي لإضفاء التعديلات اللازمة في برنامج الإصلاح الصحي ، و لهذا تبقى الدول تدرس و تعقد لقاءات علمية و ادراية لبحث سبل تطوير قطاع الصحة ، و ما المؤتمرات و اللقاءات العلمية إلا نافذة دراسية يسعى من خلالها المختصون في دراسة المشاكل التي يعاني منها القطاع للخروج بتوصيات و اقتراحات تقدم الجديد وفق تعديلات و اضافات تكون ناجعة على مدى استراتيجية مدروسة الأبعاد لسنوات وفق ما يسمى المخططات الاستراتيجية، و تظل الدول تسعى للتحسين و التطوير و هذا ما تسعى له الجزائر كباقي الدول الطامحة نحو تحقيق الأفضل دائما..
قائمة الهوامش:
1-أنظر لتعريف التنمية المستدامة على الرابط التالي:www.seo-ar.net/مفهوم التنمية المستدامة
2-أنظر للتعريف من موقع الموسوعة: Ar.wikipedia.org/wiki/تنمية اجتماعية
3-تطور المنظومة الصحية الجزائرية منذ الاستقلال ، مقال لحسينة .ل منشور في جريدة المساء الجزائرية ليوم 05-07-.2012
4-تطور المنظومة الصحية الجزائرية منذ الاستقلال ، المرجع السابق.
5-تطور المنظومة الصحية الجزائرية منذ الاستقلال ،المرجع السابق
6-بركاني يطالب بتغطية العجز في الأطباء الأخصائيين في الجنوب ، مقال منشور في جريدة الجزائر الجديدة ليوم 08/02/2015 . 
07-عن موقع الإذاعة الجزائرية :www.radioalgerie.dz/news/ar
08-بن لوصيف زيد الدين ، تسيير المؤسسات الصحية العمومية الجزائرية في ظل المتغيرات المعاصرة ، المقال موجود على الرابط التالي: www.stratimes.com/؟ t=4303243
09-أ.بومعراف الياس، أ.د عماري عمار، من أجل تنمية صحية مستدامة في الجزائر ، الجزائر ، جامعة سطيف ،مجلة الباحث ،العدد 07 ، 2009، 2010 ، ص32
10-عتيق عائشة ن جودة الخدمات الصحية في المؤسسات العمومية الجزائرية –دراسة حالة المؤسسة العمومية الاستشفائية لولاية سعيدة ، الجزائر، جامعة ابو بكر بلقايد ،تلمسان ، كلية العلوم الاقتصادية و علوم التسيير و العلوم التجارية ، رسالة تخرج لنيل شهادة الماجستير ،تخصص تسويق دولي ، السنة الجامعية 2011-2012،ص 69
11-الجزائر بين البلدان القليلة التي ستحقق جميع أهداف الألفية من أجل التنمية ،مقال نشر بجريدة النصر الجزائرية، و يمكن تحميل المقال على الرابط التالي: www.annasronline.com/index.php/2014.08.09
12-أ.بومعراف الياس و أ.د عماري عمار ، المرجع السابق ، ص 30.
13-كردالواد مصطفى ،حماية الأمن الصحي، رهان الجزائر في الألفية الثالثة ،مقال منشور على الرابط التالي:  Sawtsetif.com/v/668
14-ليلى بوحديد ، التخطيط الاستراتيجي كمدخل لتحسين آداء الموارد البشرية في المستشفيات العمومية الجزائرية –دراسة حالة-الجزائر ، المجلة الجزائرية للتنمية الاقتصادية ،عدد 01ديسمبر 2014،ص 139.
15-ليلى بوحديد ،المرجع السابق ، ص 142،143.
16-الحكومة الجزائرية تتبنى سياسة تقشفية لمواجهة تراجع الأسعار سارة نوي، مقالا منشور في جريدة الفجر الجزائرية ، يمكن تحميل المقال من الرابط التالي : www.al-fadjr.com/ar/economie/292279.html
17-سعيد باتول ، قطاع الصحة بالعاصمة غير معني بالتقشف و اربع عيادات ستدخل الخدمة الشهر المقبل ، مقال منشور بجريدة الشروق الجزائرية ،العدد 1412،ليوم 14/06/2016.
18-قطاع الصحة ، الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار، عن الموقع الرسمي للوكالة:
 www.andi.dz/index.php/ar/secteur.de-sante
بقلم د. سميرة بيطام